للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحكم الظالم، ووقفوا له جميعا جبهة واحدة فى وجه قريش.

وفى قوله تعالى: «أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ» - الواو فى «ورسوله» للعطف على المصدر المؤول من الجملة السابقة: «أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» أي ورسوله برىء منهم.. فهو عطف جملة على جملة.. وذلك لتكون براءة الله من المشركين هى الأصل، ثم تجىء براءة رسول الله منهم تبعا لتلك البراءة، ثم تجىء براءة المؤمنين منهم تبعا لبراءة الله ورسوله.

وفى قوله تعالى: «فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» دعوة مجدّدة من الله- سبحانه- إلى المشركين، أن يستجيبوا لله وللرسول، فذلك هو الذي يحقق لهم الفوز والفلاح، ثم هو تهديد لهم بالخزي فى الدنيا والعذاب فى الآخرة، إذا هم لم يتوبوا إلى الله، ويخلّصوا أنفسهم من الشرك الذي استولى عليهم..

وقوله تعالى: «إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» هو استثناء من الحكم العام الذي أنذر به المشركون، وهو أن العهود التي كانت بينهم وبين المسلمين لن يكون لها مفعول بعد الأربعة الأشهر التالية ليوم النحر، الذي أعلنوا فيه بنبذ العهود التي عقدوها مع المسلمين..

والمستثنون من هذا الحكم العام من المشركين، هم أولئك الذين عرف منهم المسلمون صدق نواياهم فى الوفاء بالعهود التي عقدوها معهم، حيث لم تظهر منهم بادرة تدلّ على خيانة، أو ممالأة عدوّ، أو تحريضه على المؤمنين- فهؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>