المستأمن أن يطلب النّظرة إلى الوقت الذي يسمح له بالنظر والتدبر فيما سمع من كلام الله، وأن يجاب إلى هذا، حتى ينقطع عذره، وتقوم عليه الحجة..
فإن وجد فيما سمع ووعى من كلام الله ما يدعوه إلى الإيمان، ثم آمن..
فهو فى المؤمنين، له ما لهم وعليه ما عليهم..
وإن أصمّ الله سمعه، وأعمى بصره، وحجب بصيرته، فلم تنفذ شعاعات الهدى إلى قلبه، وآثر الضلال على الإيمان، واستحبّ العمى على الهدى، فإن له ما اختار.. لا سلطان لأحد عليه، ولا سبيل لأحد أن يناله بضرّ أو أذى، فهو الآن فى ذمة النبىّ، وذمة المؤمنين جميعا.. وعلى النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- أن يضمن سلامته، وأن يكفل له الأمن والطمأنينة ما دام فى رحاب المسلمين.. ثم إن أراد النبىّ، أو رغب هو فى أن يلحق بأهله، أجيب إلى هذا، ووكل به النبىّ من المسلمين من يقوم على حراسته، وسلامته، حتى يبلغ مأمنه، أي المكان الذي يجد فيه الأمن بين أهله وعشيرته..
ألا فلتخرس ألسنة الذين يقولون إن الإسلام دين قام على السيف وإراقة الدماء!! فهذا صنيع الإسلام مع أعدائه حين لا يكون منهم حرب معه، أو عدوان عليه.. إنه سلم خالص، وإنسانيّة فى أرفع منازلها.. فلا إكراه فى الدين، ولا عدوان على من يختلفون مع المسلمين اختلافا قائما على البحث والنظر.
وليس فى الدعوات دعوة تحترم العقل، وتمنحه حقه المطلق فى النظر والاختيار- كدعوة الإسلام، التي لا تفرض سلطان الحق الذي بين يديها، على أي ذى عقل، ولو كان عقلا جهولا محمّقا! ذلك أن الإسلام ليس من همّه امتداد ظلّه على مساحات ممتدة من