فهؤلاء المشركون سيظل المسلمون على عهدهم معهم، ما داموا هم على الوفاء بعهدهم، فإن بدا منهم ما يستشعر منه المسلمون غدرا أو خيانة، نقضوا هذا العهد، وقطعوا تلك المدة التي تضمنها العهد.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
وفى قوله تعالى:«كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ» تحذير للمؤمنين من أن يأمنوا جانب المشركين أيّا كانوا، حتى هؤلاء الذين لم يظهر للمسلمين منهم غدر أو خيانة.. فذلك إن يكن وجه مقبول من وجوههم، فإن وراء هذا الوجه وجوها كثيرة منكرة، وإنه ليس بالمستبعد منهم أن يغدروا وأن يخونوا فى أية فرصة تسنح لهم.. وإنه لو أمكنتهم الفرصة فى المسلمين لم يرقبوا فيهم إلّا ولا ذمة..
و «الإلّ» القرابة.. كأنها مشتقة من الآل التي بمعنى الأهل والأقارب..
«والذمة» : العهد الذي يصير به كل من المتعاهدين فى ذمة الآخر، أي فى ذمامه وحوطه، بحيث لا يجىء إليه منه أذّى.
والاستفهام فى قوله تعالى:«كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ» استبعاد من أن يبقى المشركون على عهد بينهم وبين المسلمين.. وإن كانت بينهم وبين المشركين قرابة نسب أو عهود موثقة، والمستفهم عنده هنا محذوف، لدلالة الحال عليه، وهو: كيف يحفظون لكم عهدا، وهم عداوة تمتلىء بها صدورهم بغضة وشنانا لكم، حيث لا يجدون شفاءا لما فى صدورهم من هذا الداء إلا أن