التفسير: من الذين يأكلون السحت ويملئون بطونهم بالحرام، أولئك الذين عندهم علم الكتاب من أهل الكتاب، ثم يكتمون علمهم هذا، ولا يؤدون الشهادة على وجهها إذا دعوا ليدلوا بما عندهم من علم، فى أمر ما، بل يحرّفون ويبدلون، لقاء الاحتفاظ برياسة دينية لهم على الناس، أو انتصارا للمشركين على المؤمنين فى مقابل ثمن معلوم.
فهؤلاء إنما يأكلون فى بطونهم النّار فى هذه الحياة الدنيا، لأن هذا الطعام الذي يأكلونه إنما هو مما باعوا به دينهم، وبهذا صاروا أهلا للنّار، وقد أعدت أجسامهم التي نمت من هذا الطعام الحرام لتكون وقودا لتلك النار! وفى قوله تعالى:«فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ» صوت يتردد من خارج النار التي تلتهم أولئك الذين مكروا بما أنزل الله، فاشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة، إنه صوت أولئك الذين نجاهم الله من هذا البلاء، يعبّرون به- فى دهشة واستغراب- عن صبر هؤلاء الأشقياء الذين تأكلهم النار وهم يتقلبون على جمرها.. إن كل من يطلع عليهم لا يملك إلا أن يستهول هذا الهول الذي هم فيه، ويتعجب من احتمالهم له، وصبرهم عليه! واستحضار هذه الصورة فى الدنيا، فيه تنفير من هذا الموقف الأليم، وتحذير من هذا المصير المشئوم! والإشارة فى قوله تعالى:«ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ» واردة على هذا المصير البغيض، الذي صار إليه أولئك الذين كتموا ما أنزل الله من