وفى هذه الموازنة، تبدو تلك الأعمال التي كانوا يعملونها وهم متلبسون بالشرك- تبدو ضئيلة تافهة، لا وزن لها إلى جانب الإيمان بالله وما يملأ كيان المؤمن من الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد فى سبيل الله.. «لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ» .
وفى الموازنة بين سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، وبين من آمن بالله واليوم الآخر- فى هذه الموازنة ما يسأل عنه.. وهو:
لماذا جاءت الموازنة بين أعمال، هى السقاية وعمارة المسجد الحرام، وبين أشخاص هم المؤمنون بالله واليوم الآخر؟ وكيف تقوم موازنة بين أعمال وأشخاص،؟ إن المتصور هو أن تقوم الموازنة بين أعمال وأعمال، أو بين أشخاص وأشخاص.. حتى يمكن أن يعرف الفاضل والمفضول، والطيب والخبيث، بالنظر فى المتجانسين والموازنة بينهما..
فكيف هذا؟
والجواب- والله أعلم- أن هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يؤدّون تلك الأعمال، ويحسبون أنها قربات عند الله، وأنها تجعل لهم شأنا وذكرا عنده، هى أشياء لا حساب لها فى ميزان الأعمال، إذ كانت غير مستندة إلى إيمان، ولم يكن الذين يأتونها بالمؤمنين بالله..
والحديث عن هذه الأعمال، دون الحديث عن أصحابها، يشير إلى أن أصحابها لا معتبر لهم فى موازين الناس، ماداموا على غير الإيمان.. وعلى هذا التقدير جاء النظم القرآنى بأعمالهم، ولم يجىء بهم، إذ كانت الأعمال فى ظاهرها حسنة طيبة، ولكنها لا نعود بثمرة عليهم، ولا تضاف لحسابهم..
أما المؤمنون بالله، واليوم الآخر والمجاهدون فى سبيل الله، فإنهم بإيمانهم بالله وباليوم الآخر وبالجهاد فى سبيله، أصبحوا هم الصورة الكاملة للإنسان الكامل