للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: «يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ» أي يشبهون فى قولهم هذا قول الذين كفروا من قبلهم، والمضاهاة المشابهة والمماثلة، والمحاكاة.. أي أنهم فيما يقولون من نسبة الولد إلى الله، لم يكونوا إلا مقلّدين ومحاكين، لمن قال هذا القول من الذين كفروا من قبلهم..

والذين كفروا من قبل.. من هم؟

يمكن أن يكون هؤلاء الذين كفروا من قبل، مرادا بهم آباؤهم الأولون، الذين غيّروا فى دين الله، وتأولوا آياته وكلماته هذا التأويل الذي صار بهم إلى الكفر.. فهؤلاء الكافرون من اليهود والنصارى الذي يخاطبهم القرآن هذا الخطاب، هم متابعون لآبائهم الأولين، محاكين لهم..

ويمكن أن يكون الذين كفروا من قبل، كلّ من سبق اليهود والنصارى، من الذين كانوا يدينون بهذا المعتقد الذي يجعل لله ابنا، يعبد من دون الله، أو يعبد مع الله، مثل تلك المعتقدات التي كان يعتقدها اليونان فى توليد الآلهة، بعضهم من بعض، وكما كان يعتقد الفراعنة فى آلهتهم، وإضافة ملوكهم إلى آلهة سماوية علوية، وكما يعتقد المعتقدون فى «بوذا» وأنه مولود إلهى..

وقوله تعالى: «قاتَلَهُمُ اللَّهُ» هو طرد من رحمة الله ورضوانه، لهؤلاء الذين يقولون هذا القول المنكر فى الله.. فإن «قاتَلَهُمُ اللَّهُ» يعنى أنهم نصبوا حربا لله، فحاربهم الله، وقاتلهم..!

وانظر ماذا يكون من أمر من يحاربه الله ويقاتله؟ أتراه ينجو من البلاء والهلاك؟ أو يجد قدرة على احتمال ما يحلّ به من بلاء ونقمة؟ هيهات.. هيهات! وفى قوله سبحانه: «أَنَّى يُؤْفَكُونَ» إنكار عليهم هذا الإفك الذي هم فيه، وهذا الافتراء الذي يفترونه على الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>