الوجود، وأنه- سبحانه- قد أراد إعزاز دينه، وإظهاره على الدين كلّه، وأن المجاهدين الذين يجاهدون فى سبيل الله ما هم إلا أدوات عاملة فى مجال تلك الإرادة التي أرادها الله، ليكتب لهم عند الله الأجر العظيم، والمثوبة والرضوان، وأن إرادة نافذة على أي حال..
وفى قوله تعالى:«إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ» شاهد قائم، رآه المسلمون رأى العين.. وهو أن الله قد نصر النبىّ الكريم، وخلّصه من يد المشركين الذين كانوا له بمرصد، على كل ثنيّة، وعلى كل طريق ... ولم يكن مع النبىّ الكريم قوّة ظاهرة، لم يكن إلا هو وصاحبه أبو بكر.. وكانا أعزلين من كل سلاح، إلا سلاح الإيمان الذي يملأ قلبيهما، مجرّدين من كل قوة، إلا قوة الحقّ الذي فى يديهما، محرومين من كل نصير، إلا عون الله لهما، وحراسته القائمة عليهما.
ثانيا: لم يذكر النبىّ الكريم ذكرا صريحا، وإنما جاءت الإشارة إليه مضمرة فى ضمير الغائب.. هكذا «إِلَّا تَنْصُرُوهُ» ..
وفى هذا إشارة مضيئة تشير إلى النبي الكريم، وتحيطه بهالة من نور ربانىّ، بحيث تشخص الأبصار كلّها إلى هذا النور العلوىّ الذي يفاض على النبىّ، ويحفّ به.. فليس هناك من تخلّى عنه الأنصار والأعوان- فى هذا الموقف بالذات- غير النبىّ، وليس هناك أيضا من أحاطت به العناية الربانية، وحفّت به أمداد العون والنصر الإلهي- فى هذا الموطن بالذات أيضا- غير النبىّ.. فكانت الإشارة إليه- فى هذا الموقف بالذات- مغنية عن كل ذكر، وكانت الإماءة إليه أبلغ من كل تصريح..
ثالثا: لم يذكر اسم الصاحب الذي صحب النبىّ فى هذه الحال، بل جاء