التفسير: فى هذه الآيات يفضح الله أولئك المنافقين ومن فى حكمهم، ممن تخلّفوا عن الجهاد فى غزوة «تبوك» التي جاءت الدعوة إليها عامة شاملة فى قوله تعالى: «انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ..
لأنها كانت غزوة ذات طابع خاص على ما سنرى:
فبعد أن فتح النبىّ مكة، ودخل الناس فى دين الله أفواجا، نظر إلى خارج الجزيرة العربية، فرأى على حدودها من جهة الشام قبائل عربية قد أقامت علاقات بينها وبين دولة الروم، كالعلاقة التي بين التابع والمتبوع.. ذلك أنه لكى يأمن الروم تسلل العرب إليهم، أو مفاجأتهم بالغارات على قراهم وزروعهم، أقاموا بعض القبائل العربية حرّاسا على تلك الحدود، وضمّنوهم سلامة هذه الحدود من كل مغير..
وكانت دولة الروم تنظر إلى الدعوة الإسلامية نظرة سياسية إلى جانب النظرة الدينية التي كانت تنظر بها إليها، وترى فيها أنها دعوة تهدد المسيحية التي تدين بها.
وفى مجال النظرة السياسية، رأى الروم أن الأمة العربية قد أصبحت بهذه الدعوة أمة واحدة، بعد أن كانت قبائل متنازعة متقاتلة.. وهذا ما يجعل من العرب قوة يمكن أن تهدد الروم، وتفتح طريق الحدود الذي أقامت من العرب حرّاسا عليه.
وقد تنبّه الروم إلى ذلك، وأخذوا يعدّون العدّة له، وجاءت الأنباء إلى النبىّ بذلك، وأن الروم يريدون أن يستميلوا القبائل العربية المتاخمة لهم إلى