للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى كل مرة كانوا يرجعون بالخيبة والخسران، حيث يضلّ سعيهم، وتسوء عاقبة من يعملون لهم، ويكتب الله للنبى وللمسلمين النصر والغلب.

وقوله سبحانه: «وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ» .. يكشف عن وجه من وجوه المنافقين، الذين دعوا إلى الجهاد فى سبيل الله، فقال قائلهم معتذرا بهذا العذر الصبيانى الكذوب: «لا تفتنّى» بالغزو فى بلاد الروم، وبما يقع تحت نظرى من نساء الروم.. «أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا» حين خرجوا بهذه القولة الكاذبة عن أمر الله، فحق عليهم غضب الله.. وتلك هى الفتنة، وذلك هو البلاء، الذي ليس لصاحبه من نجاة.. «وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ» .. وهؤلاء المنافقون هم كافرون، بل أشد كفرا من الكافرين.. والله سبحانه وتعالى يقول:

«إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً» .

قوله تعالى: «إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ» .

وهذه حال من أحوال المنافقين مع المؤمنين.. إنهم يتربصون بالمؤمنين وهم على طريق الجهاد، فإذا عاد المسلمون بالنصر والغنيمة اغتمّوا، وحزنوا، وعلاهم الخزي والهوان.. وإن وقع بالمسلمين سوء فرحوا فرحتين: فرحة لأن المسلمين قد أصيبوا، وفرحة لأنهم هم لم يكونوا فى هذا الوجه الذي وقع للمسلمين فيه ما وقع من بلاء.. ثم يدعوهم هذا إلى أن يحمدوا لأنفسهم بعد نظرهم، وتقديرهم للأمور.. حيث سلموا وكان من شأنهم أن يعطبوا لو أنهم استجابوا لما دعوا إليه.. «وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ» .. أي أخذنا حذرنا، ونظرنا إلى عواقب الأمور، ورأينا بحسن تقديرنا ألا نشارك فى هذه الحرب التي يتجه إليها

<<  <  ج: ص:  >  >>