للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه عالة على أحد.. الأمر الذي عافاه الله منه، إذ جعل إلى «بيت المال» كفالة هذا الإنسان، والبرّ به، والإحسان إليه..

ومن جهة أخرى.. فإن الإسلام قد نظر نظرة أوسع من هذا، فلم يجعل إلى بيت المال وحده، القيام بهذا الواجب حيال أبناء السبيل.. فقد يكون ابن السبيل فى مكان لا تصل إليه يد «بيت المال» .. وقد يكون «بيت المال» ولا مال فيه يتّسع للوفاء بحاجة المحتاجين من أبناء السبيل.

ومن أجل هذا، فقد فرض الإسلام على المسلمين جميعا، القيام بهذا الواجب إذا عرض لهم، وطلع عليهم ابن سبيل أو أبناء سبيل! روى البخاري ومسلم، عن عقبة بن عامر قال: قلنا يا رسول الله، تبعثنا «١» فننزل بقوم فلا قروننا «٢» ، فما ترى فى ذلك؟ فقال- صلى الله عليه وسلم:

«إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم ما ينبغى للضيف فاقبلوا منهم، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغى لهم «٣» » .

وعنه صلى الله عليه وسلم قال: «أيّما مسلم ضاف قوما فأصبح الضيف محروما، فإن حقّا على كل مسلم نصره، حتى يأخذ بقرى ليلته.. من زرعه أو ماله.»

وعن أبى كريمة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليلة الضيف واجبة على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه محروما كان دينا عليه، فإن شاء اقتضاه «٤» ، وإن شاء تركه!» .

فإلى هذا الحدّ تبلغ عناية الشريعة الإسلامية ورعايتها للفقراء، والضعفاء،


(١) أي فى سبيل الله.
(٢) أي فلا يقدمون لنا ما يقدم للضيف.
(٣) أي الذي ينبغى للضيوف.
(٤) اقتضاه: أي أخذه الضيف منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>