للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى هذا إشارة إلى أن باب التوبة والقبول لا يقفل أبدا فى وجه أي إنسان، يتجه إلى الله، وينزع عما كان فيه من غىّ وضلال.. وأن هؤلاء المنافقين الذين كفروا بعد إيمانهم ليسوا على حال واحدة، ففيهم من سيثوب إلى رشده، وينزع عن غيه، ويرجع إلى الله تائبا نادما، وفيهم من يلجّ به الضلال، ويستبد به العمى، فيمضى إلى مساقه الذي يسوقه شيطانه إليه..

فالذين يتوبون إلى الله، ويرجعون إليه من قريب من هؤلاء المنافقين، سليقون من الله سبحانه، عفوا، ومغفرة.. والذين يصرّون على هذا النفاق الذي هم فيه، سيلقون من الله ما أعد للكافرين والمنافقين من عذاب ونكال.. «بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ» .. أي بسبب ما كانوا عليه من ضلال، ومحادّة لله ورسوله، الأمر الذي اقترفوا به ما اقترفوا من جرائم وآثام.

قوله تعالى: «الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ» هكذا هم المنافقون، وذلك هو مجتمعهم، لا ينضح بغير الإثم والمنكر، ولا يلد إلا البغي والفجور.. «بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ» أي على طبيعة سواء يجمعهم النفاق، ويؤلف بينهم، من رجال ونساء، حتى لكأنهم أفراد أسرة واحدة، تجمعها لحمة النسب والقرابة، وتؤلف بينها مشاعر الحب والولاء.. وذلك أن المنافق لا يجد المرعى الخصيب الذي يغذّى فيه نفاقه، ويحقق به وجوده، ويرضى فيه مشاعره- إلا فى بيئة منافقة، تتجاوب معه، وتروّج لهذه البضاعة التي يتعامل بها..

ذلك أن بضاعة المنافقين، بضاعة خبيثة، وطعام فاسد عفن، لا تقبله إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>