التفسير: لم تنته الآيات القرآنية بعد، من عرض الوجوه التي يظهر بها المنافقون فى الناس، فما زالت هناك وجوه كثيرة لهم، سيكشف عنها القرآن فى آيات تالية- ومع هذا، فقد جاء قوله تعالى:«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» - جاء معترضا سلسلة هذا العرض الكاشف عن مخازى المنافقين، ليذكّر النبىّ بما ينبغى أن يأخذ به المنافقين، الذين هم أشد أعداء الإسلام خطرا على الإسلام.
والكفار والمنافقون، هم على سواء فى كفرهم بالله، ومحاربتهم لدين الله، وكيدهم لرسول الله.. وإن على النبىّ أن يجاهد هؤلاء وأولئك جميعا، وأن يلقاهم بكل قوة وبأس.. فالمنافقون، كافرون، وأكثر من كافرين.. لأنهم يسترون كفرهم بالنفاق، ويدارونه بإظهار الإسلام.. فهم بهذا عدوّ خفىّ، يأمن المسلمون جانبه، ولا يأخذون حذرهم منه، فيطّلع منهم على ما لا يطّلع عليه العدوّ الظاهر، من مواطن الضعف منهم، وانتهاز الفرصة فيهم..
فإذا جاهد النبىّ الكفار، فليجاهد المنافقين كذلك، وليشتدّ فى جهادهم، وليغلظ عليهم، فلا يرخى يده عنهم إذا أمكنته الفرصة فيهم..
وقوله:«وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» هو بيان للحكم الواقع تحته الكافرون والمنافقون، وهو أن جهنم مأواهم الذي يؤوون إليه، والمصير الذي يصيرون له.. وأنهم إذا أفلتوا فى هذه الدنيا من القتل أو الأسر، فلن يفلتوا فى الآخرة من عذاب جهنم، وبئس المصير..