للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وحدود الله قد تضرب على أشياء فرض تحريمها، أو تقام على أمور أباحها وأجاز الأخذ بها.

وسبحان من أحكم آياته، وتفرد بكلماته، فجاء بها معجزة قاهرة، تعنو لجلالها وجوه العالمين، وتخرس لبيانها ألسنة المخلوقين! ففى الحدود التي تحتوى فى داخلها المحرمات كما فى قوله تعالى:

«وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ» جاء النهى هكذا: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها» أي بالتزام الوقوف خارج تلك الدائرة، حيث أن ماوراءها من مقابل هذا المنهىّ عنه هو المطلق المباح، والاقتراب من تلك الدائرة اقتراب من خطر! وفى الحدود التي تضمّ المباحات، حيث يكون الناس معها فى داخل الدائرة، يجىء النهى هكذا: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ.. فَلا تَعْتَدُوها» أي ألزموا هذه الدائرة ولا تخرجوا عنها إلى ما يقابل هذه المباحات، مما هو خارج تلك الحدود! فإن الخروج عن تلك الدائرة وقوع فى محظور! استمع إلى قوله تعالى: «الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»

: (٢٢٩: البقرة) !.

فالآية هنا تشريع لإباحة الطلاق، ولكن هذه الإباحة ليست على إطلاقها، بل هى داخل حدود مرسومة، فمن تجاوز هذه الحدود، وخرج عنها فهو معتد ظالم!.

<<  <  ج: ص:  >  >>