بينهم وبين القيام بهذا الأمر الذي ندب الله سبحانه وتعالى المؤمنين له..
«لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ... ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» .. (الآية ٩١) .
وفى هذه الآية:«إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ» اتهام ومؤاخذة لمن تخلّفوا عن الجهاد، ولا عذر لهم.. لأنهم قادرون- بأشخاصهم على أداء هذا الواجب المفروض عليهم، فهم ليسوا ضعفاء، أو مرضى، وهم قادرون بأموالهم على أن يجدوا الزاد الذي يتزودون به للسفر.. من طعام، وحمولة، وسلاح..!
وعلّة واحدة لا غير، هى التي قعدت بهم عن أن يكونوا فى المجاهدين، هى أنهم «رضوا بأن يكونوا مع الخوالف» .. إنه لا شىء يقعدهم عن هذا الأمر إلا إيثارهم العافية والسلامة لأنفسهم، وإلّا ضنّهم بالمال وبالجهد عن البذل فى سبيل الله.. وذلك خذلان منهم لله، فكان أن خذلهم الله، «وطبع الله على قلوبهم» فلم يروا بها سوء ما هم عليه.. «فهم لا يعلمون» ما وقع عليهم من غبن فى هذا الموقف الذي وقفوه من أمر الله، والجهاد فى سبيل الله..
وفى مخالفة النظم لمقتضى السياق، فى قوله تعالى:«إنما السبيل» إذ كان من مقتضى السياق أن يكون: «إنما الحرج» - فى هذا ما يشير إلى ما بين الحالين من اختلاف..
فالضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون- هؤلاء ومن على شاكلتهم، واقعون تحت عفو الله، غير مطالبين بما هو مطلوب من أهل القوة والصحة والغنى.. فلا حرج عليهم، ولا جناح، إذا هم كانوا من المتخلفين..
أما هؤلاء الأغنياء الذين تخلّفوا عن قدرة، فهم فى مقام المؤاخذة، وفى معرض الجزاء والعقاب، ومن هنا كان السبيل مفتوحا، والطريق مكشوفا