وفى هذا إلفات للعرب عامة، ولقريش خاصة إلى الحقوق الإنسانية الواجبة عليهم نحو هذا الرسول. المبعوث إليهم من بينهم، ومن ذوى قرابتهم..
وهذه السورة، جاء ابتداؤها منكرا على قريش وعلى العرب تنكّرهم لهذا الرسول، ووقوفهم منه موقف المشاقة والعناد، مع ما بين يديه من آيات ربه، التي تشهد بأنه رسول رب العالمين.
فناسب لذلك أن تجىء سورة يونس، بعد سورة التوبة، إذ كانت خاتمة التوبة أشبه بسؤال، وكان بدء يونس أشبه بجواب لهذا السؤال ...
أو كانت خاتمة التوبة تقريرا لحكم، وكان بدء يونس تعقيبا على هذا الحكم.
وتبدو واضحة هنا دلالة الحروف:«الر» حيث أشير إليها بأنها آيات الكتاب الحكيم.. بمعنى أن هذا الكتاب الحكيم، وهو القرآن الكريم، قد نظم من مثل هذه الأحرف، فجاء على تلك الصورة من الإحكام والإعجاز..
وعلى هذا، تكون «الر» مبتدأ وجملة «تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ» خبر هذا المبتدأ.
وهنا كلام محذوف يدل عليه سياق النظم الذي سبق هذه الآية فى آخر سورة التوبة، والذي جاء بعدها فى هذه السورة.. وتقدير هذا المحذوف هو:
الر تلك هى آيات الكتاب الحكيم، الذي جاء به هذا النبي العربي.. فماذا ينكر الناس من هذا الكتاب الحكيم؟ أو يكون التقدير هكذا: الر هى تلك آيات الكتاب الحكيم، الذي جاء به النبي العربي إلى قومه فردّوه وأنكروه!