فى هاتين الآيتين، مظهر من مظاهر مكر الماكرين بآيات الله، وكفرهم بنعمه السابغة عليهم..
فما أكثر ما يركب الناس البحر فى ريح رخاء، تصحبهم فيه السكينة والبهجة، ثم على حين غرّة يموج بهم البحر ويضطرب، وتزمجر حولهم العواصف، وتصرخ بهم الريح فى جنون مخيف.. وإذا الهلع والفزع، وإذا الكرب الكارب، والهذيان المحموم، يشتمل على من فى جوف السفين، الذي يبدو وكأنه دودة على ظهر هذا الكون العظيم!.
ولا ملجأ من هذا الموت الفاغر فاه، ولا عاصم من هذا الهلاك المطلّ من كل مكان، إلا اللّجأ إلى الله، والاستصراخ له، والاستنجاد به.. فتتعالى صيحات الصائحين، واستغاثات المستغيثين، وضراعات المتضرعين.. فى غير اقتصاد أو انقطاع..
وتجىء رحمة الله فى إبّانها.. فتهدأ العاصفة، ويخفت صوت الريح..
وإذا البحر قد عاد ساكنا هادئا، وإذا السفين على ظهر حنون ودود، يهدهده كما تهدهد الأم رضيعها، حتى يبلغ السفين بأصحابه شاطىء الأمن