مناسبة هذه الآية لما قبلها، أنها تكشف عن وجه هذه الحياة الدنيا، التي ذكرت الآية السابقة تعلق الناس بمتاعها، وركوبهم مراكب البغي والطغيان فى سبيل المتاع بها.
وقد صورت الآية الكريمة هنا الحياة الدنيا فى ألوانها، وزخارفها، التي تغرى الناس بها، وتفتنهم فيها- بما نزل من السماء، فخالط نبات الأرض، فأخرج حبّا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبّا، ولبست الأرض من ذلك كله حلة زاهية مختلفة الأصباغ والألوان، وبدت كأنها العروس فى ليل عرسها.. ثم إذا إعصار مجنون ملتهب، يمس هذه الجنّات المعجبة، وتلك الزروع المونقة، ويضربها بجناحيه، فإذا هى حصيد تذروه الرياح، وبباب قفر يضلّ به القطا.
- وفى قوله تعالى:«وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها» إشارة إلى تمكن أصحابها من جنى ثمارها، وتناول قطوفها.. إذ أصبحت ناضجة الثمار، دانية القطوف، آمنة من تعرضها للآفات التي تفسد الزهر، وتغتال الثمر.. فإذا اجتاحتها آفة وهى على تلك الحال من الجمال والنضارة، كان ذلك أوجع وأفجع لأهلها.. كما يقول الشاعر:
إن الفجيعة فى الرياض نواضرا ... لأجلّ منها فى الرياض ذوابلا
- وفى قوله تعالى:«أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ» .. «الحصيد» ما حصد من الزروع بعد نضجه.. و «تغن»