للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد قالها «النمرود» لإبراهيم، وهو يحاجّه فى ربّه، فألقمه إبراهيم حجرا.. فخرس إلى الأبد..

«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ..

«قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ.. «قالَ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ.. «قالَ إِبْراهِيمُ: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ؟ «فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» (٢٥٨: البقرة) .

وفى الآية جاء النظم على غير ما جاء عليه فى الآيات السابقة من سورة البقرة، حيث دعى المشركون هنا إلى أن يدعوا آلهتهم أولا، ليؤدّوا هذا الامتحان، وليأتوا بما عندهم.. فإذا ظهر عجزهم، لم يكن إلا التسليم بأن قوة غير قوتهم هى التي أوجدت هذا الخلق الذي يملأ الوجود حولهم، فإذا لم يعرفوا هذه القوة، ولم يدركوا نسبتها إلى من بيده تلك القدرة.. فليسمعوا الجواب، وليصححوا عليه أفكارهم الخاطئة، ونظراتهم الزائفة: «اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ» ! ولكن الضالين ما زالوا على ضلالهم القديم، لم يغيرّ هذا الدرس من تفكيرهم شيئا. بل ما زالت أبصارهم متعلقة بآلهتهم، وما زالت عقولهم تنسج لهم الأباطيل والضلالات.. وهنا يسمعهم الوجود كله، إنكاره عليهم هذا الضلال، وتسفيهه هذا البهتان: «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» .. أي كيف تطوع لكم أحلامكم افتراء هذه المفتريات، أمام هذه الحجة الدامغة، والبرهان المبين؟ ..

وقوله تعالى: «قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ. أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى؟

<<  <  ج: ص:  >  >>