وفى الناس كثيرون يمشون هذا المشي المقلوب، ويأخذون هذا الوضع المنكوس..
وليس يصرفهم عن هذا صيحات الإنكار التي تصيح بهم من كل ناظر إليهم:
«فَما لَكُمْ؟ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» ؟ هذا الحكم على أنفسكم، وتريدونها على هذا الوضع الذي أنتم فيه؟
وفى التعبير عن الاهتداء بلفظ «يهدّى» - إشارة إلى أن هذا الذي يعبده المشركون من دون الله، لا يستطيع أن يهتدى من تلقاء نفسه إلى خير أو حق أبدا، فهو فى حاجة إلى من يقوده ويهديه، وحتى مع هذا، هو بطيء الخطا، لا يستجيب استجابة كاملة لمن يهديه.. وهذا ما يدل عليه لفظ «يهدّى» الذي هو بمعنى يهتدى، ولكن فيه ثقل واضطراب! قوله تعالى:«وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا.. إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً.. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ» الظن هنا: ضدّ اليقين، وهو ما قام على أوهام باطلة، وتصورات مريضة، وذلك هو الذي يقوم عليه تفكير المشركين، وأصحاب الضلالات، والانحرافات لا تمسك عقولهم إلا بالأوهام، ولا تتعامل إلا بالظنون! فهذا البناء الشامخ الذي يقيمونه من أوهامهم وظنونهم، لآلهتهم، وما يعلّقون عليها من آمال، هى سراب خادع، وهى أضغاث أحلام، إذا جدّ الجد، ووقعت الواقعة، لم يجد أصحابها فى أيديهم شيئا.. «إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً»