وفريق يبادىء القرآن بالتكذيب من قبل أن يسمع أو ينظر.. «وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ.. فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ»(٥: فصلت) ..
هكذا أهل الزيغ والضلال.. يعمون عن الحق، ويزيغون عن الهدى، سواء منهم من عرف الحق ومن لم يعرفه.. فليس كل الذي يعرف وجه الحق يقبله أو يقبل عليه.. فما أكثر الذين يعرفون الباطل ويتعاملون معه!، وما أكثر الذين يعلمون الشر ويلقون بأنفسهم فيه!. وما أكثر الذين يرون الهوى ويتعامون عنه!، وما أكثر الذين يبصرون وجه الحق ويتنكرون له! ..
هذا هو الموقف الذي كان على النبي أن يأخذه إزاء المشركين المعاندين المكذبين.. إنه ليس له سلطان عليهم يأخذهم به قهرا وقسرا، إلى ما يدعوهم إليه من الهدى والحق والخير الذي ساقه الله سبحانه وتعالى على يديه إليهم..
إنه ما عليه إلا أن يبلغ رسالة ربه.. وقد بلّغها.. «فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها»(١٠٤: الأنعام) .. «مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ»(٤٤: الروم) .. فلكل إنسان عمله، الذي سيجزى به يوم القيامة.. من خير أو شر.. «وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى»(١٦٤: الأنعام)