بل يمضى فيهم قدر الله، وتنفذ فيهم مشيئته فى الوقت المقدور، إذ لا مبدّل لكلماته، ولا معوّق ولا معطل لمشيئته.. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
- وفى قوله تعالى:«قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً» - فى هذا ما يسأل عنه، وهو: إذا كان الإنسان يملك النفع لنفسه، بما يعمل فى سبيل ما يعود بالنفع عليه والخير له.. فكيف يملك الضرّ لنفسه، ويسوقه إليها؟
وهل هذا مما يكون من إنسان، فضلا عن النبي الكريم؟
والجواب- والله أعلم- أن ذلك للدلالة على سلطان الله سبحانه وتعالى فى عباده، وأنه ليس لأحد منهم شىء مع سلطان الله القائم عليه، فى ذات نفسه، حتى لو أراد- متعمدا- أن يسوق إلى نفسه شرا، أو يوردها مورد الهلاك، فإن ذلك ليس إلى يده، وإنّما هو لله سبحانه وتعالى..
والضرّ لا يتكلّف له الإنسان جهدا، ولا يبذل له مالا، وحسبه أن يقف موقفا سلبيّا من الحياة، وعند ذلك يجد الضّرّ يزحف عليه من كل جهة.. على خلاف النفع، فإنه لا يحصّل إلا بجهد، ولا ينال إلا ببذل وعمل.. ومن هنا كان عجز الإنسان عن أن يملك لنفسه ضرّا- أبلغ وأظهر فى الدلالة على ضعف الإنسان وعجزه، وأنه إذا عجز عن أن يملك لنفسه ضرّا، فإنه أعجز من أن يملك لها نفعا..
الضمير فى قوله تعالى:«عذابه» يعود إلى «الوعد» فى قوله تعالى:
«وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» وهو يوم القيامة.. الذي يسأل عنه المجرمون هذا السؤال الإنكارى: متى هو؟. حتى لكأنهم قد عملوا له، واستعدّوا للقائه، فاستعجلوا الجزاء الحسن الذي ينتظرهم فيه!!