ثم جاء بعد هذا قوله تعالى:«وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ» ليؤكد هذا الأمر ويقرره، وهو أن هذا اليوم واقع لا شك فيه، وأن المشركين لن يفلتوا من العقاب الراصد لهم فيه.. لأنهم لن يعجزوا الله، ولن يجدوا لهم مهربا.
هو عرض لما يلقى الظالمون يوم القيامة من بلاء، وما يساق إليهم فيه من ألوان العذاب والنكال.. وأنه لو كان للظالم كل ما فى الأرض من متاع، وكل ما يملك الناس فيها من مال وسلطان، لقدّمه فدية يفتدى به نفسه من عذاب هذا اليوم، ويخلص من أهواله، ولهان عليه أن يتجرد من كل شىء، وأن يخرج عريانا من كل هذا السلطان العريض الذي ملك به الأرض كلها، والذي كان يبيع نفسه فى الدنيا لقاء كومة من فضة، أو حفنة من ذهب..!
- وفى قوله تعالى:«وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ» إشارة إلى هول هذا العذاب، الذي عند رؤيته تنخلع القلوب، وتجمد المشاعر، وتسكن الجوارح، وتخرس الألسنة.. فلا يجد أحد فى مواجهة هذا العذاب قدرة على أن يفتح فما، أو يحرك لسانا، وإنما هو الكمد والحسرة يملآن كيان الإنسان، ويأخذان السبيل على كل خالجة وجارحة فيه! .. فكيف إذا ألقى فيه المجرمون، وصاروا وقود اله..
وهذا العذاب الذي ينزل بالظالمين، ليس إلّا مما قدمته أيديهم لهم، وإن الناظر إليهم وهم يقلّبون فى النار، ليخيل إليه من شدة ما هم فيه من بلاء أنهم مظلومون، وأنه ليست هناك جريمة مهما عظمت، يستحق عليها مرتكبها هذا العذاب، الذي لم تره عين، ولم يتصوره خاطر.. ومع هذا، فإن ما وقع