ذلك أنه إذا عرف الإنسان كيف يفيد من هذه الموعظة، ويتعرف إلى الله، ويبتغى مرضاته، فقد جمع الخير كله إلى يديه، وحق له أن يغتبط ويهنأ.. ولا عليه إذا فاته كل شىء، إذا هو ظفر بهذا الذي ظفر به! وهو ما ناله من فضل الله ورحمته، إذ هداه إلى الإيمان به، والعمل لطاعته.
هو حديث إلى هؤلاء الذين لم يأخذوا حظهم من تلك النعمة، ولم ينالوا نصيبهم من هذا الرزق الطيب الكريم، فمكروا بآيات الله، ونظروا إليها نظرا زائغا منحرفا.. وليس هذا شأنهم مع القرآن الكريم، وما تحمل آياته إليهم من هدى ورحمة، بل ذلك هو شأنهم مع كل نعمة من نعم الله، حيث يغيّرون وجهها، ويحرمون أنفسهم خيرها..
فهذه الأنعام، مثلا، قد جعلها الله رزقا حلالا خالصا لهم، ولكنهم- عن سفاهة وجهل- قد حرّموا بعضها وأحلّوا بعضها، لا لعلة واضحة، ولا لحكمة ظاهرة، وإنما هى ضلالات وحماقات، أرتهم فيها تلك الآراء الفاسدة.. وفى هذا يقول الله تبارك وتعالى فيهم: