الجولة لموسى.. الأمر الذي تأبى كبرياء فرعون أن تقبله، وأن تبيت عليه..
«وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ» .. فهو ما زال مصرا على أن ما جاء به موسى هو سحر.. وإذن فليلقه بسحر مثله، وليجمع لذلك ما فى دولته من أساتذة السحر وأربابه..
«فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ» .. وهكذا يتحدد الموقف.. وتبدأ المعركة.. ويأخذ السحرة موقف المبادرة.. إذ يفسح موسى لهم المجال، ويدعوهم إلى أن يبدءوا، ويلقوا ما معهم من سحر.
«فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ.. إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ» .. ولقد ألقى السحرة ما معهم، فلما رأى موسى ما كشفوا من أسلحتهم، قال:«ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ» .. فذلك هو السحر، لا ما جئتكم به، كما قال فرعون من قبل:«إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ» .!
فلو كان الذي مع موسى هو السحر كما قال فرعون، فإنه لن يكسب المعركة، لأنه يحارب سحرا بسحر.. أما إن كان الذي بين يديه هو الحق فإنه غالب لا محالة.. فما يثبت الباطل للحق أبدا «إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» الذين يتخذون الباطل مركبا يخوضون به فى بحار الحق.. «إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ..» .. «وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ» ..
فتلك هى نهاية الصراع بين الحق والباطل.. إن الحق هو كلمة الله، وكلمة الله هى العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى.. وإحقاق الله للحق، هو فى انتصار الحق، وتمكّنه، وإجلاء الباطل من مواقعه.. «فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» .
- وفى قوله تعالى:«وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ» - إشارة إلى أن الحق