فيكون سلب هذه النعم، وذهاب هذه الأموال من أيديهم، ضربا من العقاب المعجل لهم، يأخذ الله به الظالمين والضالين، الذين يكفرون بالله ورسله، فيمطرهم حجارة، أو يرسل عليهم صاعقة من السماء، أو يغرقهم.. وبهذا الذي ينزل بفرعون وملائه، من سلب النعم، وذهاب الأموال، يكون العقاب الذي يذلّ كبرياءه، ويذهب بسلطانه، ويريه سوء عمله فى الدنيا، ثم لا يكون له منه عبرة وعظة، تفتح قلبه إلى الله، وإلى الإيمان به بعد أن ختم الله على قلبه، بل إنه سيمضى على طريق الضلال والكفر هو ومن معه، حتى يروا العذاب الأليم، عذاب يوم القيامة «فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم..» .
وهذه الصورة التي يصورها القرآن الكريم لمن يطغيهم الغنى، ويفتنهم الجاه والسلطان، ويفسد عليهم تفكيرهم، ويطمس على أبصارهم وبصائرهم- هذه الصورة تقابلها صورة أخرى للمال، حين يقع فى يد من يؤمن بالله، ويلتزم حدوده، إذ المال هنا، قوة تعين على قضاء حقوق الله، وأداء ما افترض على عباده من عبادات وطاعات..
يقول الله سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم عليه السلام:
«ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون»(٣٧: إبراهيم) ..
هذا، ويلاحظ ما بين النظم القرآنى فى الصورتين من اتفاق فى الأسلوب الذي جاء عليه النظم هنا وهناك.. وذلك واضح لا يحتاج إلى بيان..