للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: هلّا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها؟! والمراد بالقرية هنا، «مكة» .. وقد أشار إليها القرآن الكريم بهذا الاسم فى أكثر موضع، فقال تعالى: «وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ» (١٣: محمد) وقال سبحانه: «وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ» (٣١: الزخرف) ..

وهذه مقولة المشركين من أهل مكة، يحكيها القرآن عنهم، وهم يريدون بالقريتين، مكة، والطائف..

والمفسرون مجمعون على أن هذه القرية مجرد قرية، أية قرية من تلك القرى التي أهلكها الله، ولم تؤمن كما آمنت قرية «يونس» وهى «نينوى» .

والذي نستريح إليه، ونطمئن له، هو هذا الرأى الذي ذهبنا إليه، وهو أن المراد بالقرية هو «مكة» .. وقد جئنا من القرآن الكريم بما يدل على أنه يطلق عليها اسم «قرية» ، وإن كان القرآن قد ذكرها مرة بأنها أم القرى! ولنا على ذلك أيضا:

أولا: أن تنكير القرية يكاد يصرح بأنها «مكة» وأن كلمة قرية هو علم عليها، وذلك بالإشارة بدلالة الحال عليها.. والتقدير: فهلا كانت قرية اسمها مكة آمنت فنفعها إيمانها؟

ثانيا: فى قوله تعالى بعد هذه الآية مباشرة: «ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» .. وفى هذا عزاء للنبى، وتسرية عنه، مما يعتمل فى نفسه من هموم على أهل هذه القرية التي يأبى عليه أهلها- وهم أهله وعشيرته- أن يستجيبوا له، وأن يأخذوا طريق النجاة الذي يدعوهم إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>