والمعنى أنه إذا كانت النار مثوى الظالمين، فإن الجنة هى دار المتقين، الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأسلموا أنفسهم لله، وأخلصوا له الولاء والطاعة، واستقبلوا آيات الله فى غير عناد واستكبار، ونظروا إليها بغير استعلاء وازدراء، فعرفوا أنها الحقّ، فاتبعوه.
وفى المقابلة بين أصحاب النار وأصحاب الجنة، نظر لناظر، وعبرة لمعتبر..
فهناك شقاء، وبلاء، ونكال، وهنا نعيم، ورحمة، ورضوان.. ولكلّ منزلة أهلها، والعمل هو الذي يضع كل إنسان موضعه.
قوله تعالى:«مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَفَلا تَذَكَّرُونَ» هو عرض للفريقين معا- الذين كفروا، والذين آمنوا.. أصحاب النار، وأصحاب الجنة- فى هذه الصورة الحسيّة، التي يراها الناس رأى العين، والتي تمثل حال كلّ منهما فى وضوح وجلاء..
فالذين كفروا يرون صورتهم على صفحة مرآة، لا تتحرك عليها إلا أشباح آدميين، معطوبين، مصابين بآفات العمى والصمم..
وإن الذي ينظر فى هذه الأشباح المتحركة على تلك الصفحة، يرى عالما يضرب فى نيه وضلال، ويتخبط فى ظلام وضباب.!