للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يا نوح: قد جادلتنا فأكثرت جدالنا» .. وإنه لجدل عقيم، قد تصدّعت له الرءوس.. فأعفنا من جدلك هذا، وهيّا ائتنا بما تعدنا من العذاب، إن كنت من الصادقين!! هكذا منطق السفهاء والحمقى، مع دعاة الخير، وقادة الناس إلى الهدى والرشاد! تطاول، وسفاهة، وسخرية، واستهزاء.. ثم تحدّ وقاح لما أنذروا به من عذاب الله.. إنهم ينكرون أن يكون نوح على صلة بالله، ويرون ما أنذرهم به ليس إلا من مفترياته على الله.. فليأت بهذا العذاب إن كان من الصادقين.

وفى لطف ووداعة ولين، وتواضع، يلقى هذا التحدي.. فيقول ما حكاه القرآن عنه، فى قوله تعالى:

: «قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ» .

فذلك ليس أمره إلى يدى، وإنما أمره إلى الله، ينزله بكم حيث شاء علمه، وقضت إرادته.. ولستم بالذين يعجزون الله، أو يجدون مهربا من وجه العذاب الذي يأخذكم به، حين يشاء!: «وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» .

وليس لى كذلك أمر هدايتكم وإرشادكم، والانتقال بكم من الضلال إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان.. فذلك أمره إلى الله وحده.. فإن كان الله سبحانه وتعالى قد أراد بكم ألّا تبصروا من عمى، وألا تهتدوا من ضلال، فذلك شأنه فيكم، وحكمه عليكم، وأنتم مربوبون له، وهو ربكم، وإليه مرجعكم.. إن شاء عذّبكم، وإن شاء عفا عنكم..

<<  <  ج: ص:  >  >>