فى هذه الآيات عرض لقصة نبىّ آخر من أنبياء الله، هو «صالح» عليه السلام، وقد بعثه الله إلى «قومه ثمود» .. وكانوا يسكنون «الحجر» بين المدينة والشام.
ولم يكن موقفهم من هذا النبي الكريم بأحسن من موقف من سبقوهم من أهل الضلال والعناد.. قوم نوح، وقوم هود..
«وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً» .. والعطف هنا عطف قصة على قصة، وحدث على حدث.. وقد نصب «أخاهم» بفعل محذوف، تقديره: أرسلنا، أو بعثنا.
وهو أخو القوم.. أي منهم.. نسبا، وموطنا، ولغة.
«قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» .. فهذا مجمل كل دعوة دعا بها نبىّ قومه.. الإيمان بالله، والانخلاع عن كل معبود سواه.. من بشر، أو حجر! «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها» .. أي هو وحده- سبحانه- المستحق للألوهية، المستوجب للربوبية.. لأنه- سبحانه- هو الخالق الذي أوجد الناس من عدم.. «هو أنشأكم من الأرض» أي خلقكم من تراب هذه الأرض، وأنبتكم منها، كما ينبت الزرع، وينمو، وينضر، ويزهر، ويثمر.. كما يقول سبحانه:«وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً»(١٧: نوح) ..
«واستعمركم فيها» أي هيأ لكم أسباب الحياة فيها، ومكن لكم من عمرانها، فعمر تموها بإقامة المدن، وغرس الحدائق، وزرع النبات والحبّ، وتسخير الدواب والأنعام.. كما يقول تبارك وتعالى: «وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ