وما له من سلطان وحكم فى عباده.. ولست عليكم رقيبا، يحفظ عليكم أعمالكم، ويحاسبكم عليها، إنما ذلك إلى الله وحده.. وإنما أنا نذير مبين، أبلغكم ما أرسلت به إليكم.
«قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ» .
وبهذا المنطق السفيه، يردّ القوم على تلك الدعوة الكريمة التي يدعوهم إليها نبى كريم، بلسان عفّ، وبأسلوب يفيض رقّة وحنانا ومودة..
«يا شُعَيْبُ» !؟ هكذا فى جفاء وغلظة، ينادونه باسمه مجردا، دون أن يضيفوه إليهم بنسب، كأن يقولوا: يا أخانا، أو يا أبانا، أو يا ابننا.. أو نحو هذا.. ثم يتبعون هذا قولهم فى استهزاء وسخرية:«أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا» ؟ وهم يريدون بالصلاة، الدّين الذي يدين به، إذ كانت صلاته التي يرونها منه، هى المظهر العملي لهذا الدين.!
يعنون بهذا أن الدين الذي يدين به ويدعوهم إليه- هو الذي حمل شعيبا على أن يدعوهم إلى ترك ما كان يعبد آباؤهم من آلهة، وإلى ترك التصرف فى أموالهم، والتسلط عليها حسب ما يشاءون؟ أفهذا دين يدين به العقلاء؟ وأي دين هذا الذي يخرج الناس عن عبادة ما كان يعبد آباؤهم؟ وأي دين هذا الذي يدخل على الإنسان فيما بينه وبين ما فى يديه من مال، فلا يدعه يتصرف فيه كما يشاء.. ويشترى بالأسلوب الذي يرضاه، ويبيع بالوجه الذي يعجبه؟
فما للدين ولهذا؟ فليزن المرء بالميزان الذي يحقق له الربح، وليكل بالمكيال الذي يضاعف من ربحه! فذلك حقّنا فى أموالنا! ولا ندرى كيف ساغ لشعيب هذا الدين الذي يذهب به هذا المذهب المجانب للصواب، والمجافى للعقل، وهو- فيما نعلم- الحليم الرشيد؟ أفهذا يكون من حليم رشيد؟