خلاف، ولا يختلف فيه المسلمون، مثل هذا الاختلاف الذي أفسد على اليهود دينهم..
والأمر للنبىّ الكريم هنا، هو توكيد لهذا الأمر بالنسبة إلى المؤمنين..
فالنبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- مستقيم استقامة مطلقة كما أمر الله مع الكتاب الذي أنزله الله عليه، فإذا جاءه الأمر بعد هذا بالاستقامة، فإنما ليرى المؤمنين أن أمر الاستقامة مع القرآن الكريم، يحتاج إلى احتراس شديد، ورقابة دائمة، حتى يحتفظ المؤمن بهذا الوضع المستقيم، مع كتاب الله. وإلا انحرف وضلّ.. وأن النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- مع ما هو عليه من استقامة مع كتاب ربّه، فإنه قد نبّه إلى هذا، وأمر به، فكيف بغيره من المؤمنين؟
- وفى قوله تعالى:«وَلا تَطْغَوْا» تأكيد للأمر بالاستقامة على كتاب الله، كما أمر الله.. والطغيان هو مجاوزة حدّ الاعتدال فى أي أمر من الأمور، والخروج به عن الوضع السليم الذي ينبغى أن يوضع فيه.
والمراد بالطغيان هنا، الطغيان فى الاختلاف فى كتاب الله، ومجاوزة الحدّ فيه، وهذا يعنى أن الاختلاف فى ذاته أمر لا حرج منه، بل إنه أمر لا بدّ منه، إذ كان من شأن النّاس أن ينظروا إلى الأمور بعقولهم، ويزنوها بمدركاتهم..
وبعيد أن تتلاقى عقولهم وأن تتعادل موازينهم، على حد سواء.. فكان الاختلاف بينهم أمرا لا يمكن اجتنابه، بل لا يمكن أن تقوم حياتهم بغيره.
ولكن الذي لا يحمد من أمر هذا الاختلاف، هو أن يكون عن هوّى جامح، لا يراد منه البحث عن الحقيقة، بل غايته المراء والإعنات، وذلك هو طغيان، وعدوان على الحقيقة، وتضييع لها..
- وفى قوله تعالى:«إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» إشارة مضيئة مشرقة، إلى أن الاختلاف ينبغى أن يكون عن نظر باحث، وبصيرة نافذة، ابتغاء التعرف