للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يملأ جهنم من الجنة والناس.. وإذا كان ذلك كذلك، فإنه لا مفرّ من أن يكون لجهنم أهلها من الناس، ولها يعملون، وليصيروا إليها.. وبغير هذا لا يتحقق لكلمة الله التمام.. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا..

الناس.. وهذا الاختلاف فى حظوظ الحياة الاختلاف بين الناس، أمر لازم لانتظام حياتهم.. فلو كانوا على حال سواء فى كل شىء، لما كانوا إلا كتلة متضخمة اللحم، ليس فيها عين تنظر، أو أذن تسمع، أو أنف يشم، أو يد تبطش، أو رجل تمشى، أو رأس يفكر..

إلى غير ذلك من الأجهزة العاملة فى كيان الإنسان.. والتي بها صار الإنسان إنسانا، بل بها صار الكائن الحىّ.. ذا حياة عاملة.. معطية وآخذة..

وهكذا الناس.. هم هذا الإنسان فى صورة مكبرة.. بعضهم يأخذ مكان الرأس، وبعضهم يأخذ مكان العين، أو الأنف، أو الأذن، أو اليد، أو الرجل وبهذا يقوم الجسد الاجتماعى بوظائفه العاملة فى الحياة حيث تأخذ كل جماعة فيه مكانها المناسب فى هذا الجسد، كما تأخذ أعضاء الجسد فى الإنسان مكانها فيه.. سواء بسواء! والسؤال هنا هو:

لماذا يكون بعض الناس رأسا، وبعضهم قدما، أو إصبعا، أو عينا؟

ونقول: إن تلك هى مشيئة الخالق فى خلقه.. فكما خلق سبحانه الإنسان ووضع أعضاءه فيه بهذا النظام وعلى تلك الصورة- كذلك جعل الله سبحانه المجتمع الإنسانى موزعا فى الوجود على هذا النظام.. بعضهم رأس، وبعضهم ذنب، وبعضهم قلب، وبعضهم عقل، وبعضهم أبيض، وبعضهم أسود..

<<  <  ج: ص:  >  >>