لليتيم من إحسان إليه وبرّ به، هو أن يربّى تربية طيبة، تبلغ به مبلغ الكمال والرشد، حتى يستقل بشئون نفسه، ويتولى رعاية أموره، وتلك هى الأمانة التي جعلها الله فى عنق من يقومون على اليتامى، من أولياء وأوصياء، فإذا قصروا فيها كان حسابهم عليها بين يدى الله على قدر ما قصروا.
قوله تعالى:«وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ» أي وإن تضموهم إليكم وتتولوا عنهم رعاية أمورهم فهم إخوانكم، لهم مكان الأخوة بينكم، وما لهذه الأخوة من حقوق.
وفى التعبير عن الإشراف على اليتامى بالمخالطة، إشارة إلى أن هذا الإشراف ينبغى أن يقوم على صلات روحية ونفسية، تمتزج فيها مشاعر الأوصياء على اليتامى بمشاعر هؤلاء اليتامى، ويختلط إحساسهم بإحساسهم، حتى لكأنهم كيان واحد، وذلك هو الذي يعطى اليتيم مكانا متمكنا فى قلب الوصىّ وفى أهله الذين يعيش معهم، مختلطا وممتزجا، لا منفصلا ومعتزلا.
وفى التعبير عن اليتامى بقوله تعالى:«فَإِخْوانُكُمْ» بدلا من «فأولادكم» كما يقتضيه ظاهر الأمر، إذ اليتيم لا يكون يتيما إلا فى حال صغره، الأمر الذي يجعله من الوصىّ بصفة الابن لا الأخ- فى هذا التعبير تنويه بما ينبغى أن تكون عليه نظرية الوصىّ على اليتيم إلى اليتيم، وهو أن ينظر إليه على أنه مثله وفى درجته، وإن كان فى مدارج الصّبا.. فهذه النظرة جدير بها أن تقيم الوصىّ دائما على شعور يقظ، بأنه إنما يتعامل مع إنسان رشيد، يرقب أعماله، ويرصد تصرفاته فى شئونه، وهذا الشعور يجعل الوصىّ حذرا فى تصرفاته، حريصا على أن يظهر بمظهر الأمين الحريص على مصلحة اليتيم..
ثم إنه من جهة أخرى، سيعمل هذا الشعور عمله عند الوصىّ فى الوصول باليتيم إلى مرحلة الرشد فى أقصر زمن ممكن، بحكم هذه الأخوة الملازمة له،