للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: أنك لا تزال هكذا فى هذا الوسواس المزعج حتى تفسد وتختلّ، أو تهلك وتموت.. وهو خبر يراد به اللوم والتقريع..

والفعل «تَفْتَؤُا» من أفعال الاستمرار، ولا يستعمل إلا مصحوبا بالنفي، وقد حذف هنا حرف النفي «لا» لدلالة المقام عليه.. أو أن الفعل «تفتأ» ضمّن معنى الفعل «تستمرّ» الذي لا يصحبه النفي، وقد جاء فى قول امرئ القيس:

فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالى

- جاء الفعل أبرح متضمنا معنى فعل الاستمرار، فلم يصحبه نفى.

الَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ» .

البثّ: الهمّ، والكرب، الذي يغلب صاحبه، فلا يتسع له صدره، فيصرّح به، ويلقيه خارج صدره.. وأصل البثّ الانتشار، يقال: بث الحديث:

أي أذاعه ونشره، ومنه قوله تعالى: «يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ» أي المنتشر فى الفضاء.

- وفى قوله تعالى: َ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ»

إشارة إلى أنه إذ يشكو إلى الله ما به فإنما يشكو إلى رب رحيم، يضرع إليه فى الكروب، وتبسط له الأيدى فى الملمات، وتتجه الوجوه إليه فى الشدائد!! ولمن إذا يشكو الموجوعون؟ وإلى من يستصرخ المستصرخون؟ إذا لم يكن بدّ من الشكوى والاستصراخ؟

أهناك غير الله من يرجى لدفع الضر وكشف البلاء؟

إن اللّجأ إلى الله والهتاف به، والشكوى إليه، والتوجع له، هو من دلائل الإيمان به، والثقة فيه، وإظهار العبودية له والافتقار إليه..

<<  <  ج: ص:  >  >>