نزغ الشيطان: أي أفسد الشيطان، والنزغ، والزيغ، بمعنى..
«فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ» .. هناك أحداث كثيرة طويت، ولم يجر لها ذكر هنا، إذ لم يكن لها أثر ظاهر فى مضمون القصة..
وها نحن أولاء نرى يعقوب وبنيه فى مصر، بعد أن كانوا منذ لحظة فى أرض كنعان، نراهم فى موقف استغفار واسترضاء من جهة، وموقف تأنيب وتأديب من جهة أخرى..
وها هو ذا يوسف يلقى أبويه وإخوته، ويضمهم إليه، ويفتح لهم الطريق إلى مصر وينزلهم فيها منزل الأمن والسلامة.. «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» .. ثم يرفع أبويه على العرش، ويدعوهم جميعا إلى مشاركته مجلس السلطان والحكم، فيدخلون عليه، ويؤدون له تحية الملك والسلطان، وينزلون على حكم العرف السائد فى مصر، عند لقاء الملوك، فيخرّون له ساجدين..
وإذ يشهد يوسف هذا الموقف، تتمثل له فى الحال رؤياه التي رآها فى صغره، والتي عرضها على أبيه قائلا:«يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ» .. وهنا يقول يوسف لأبيه:«يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ.. قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا» أي قد تحققت كما رأيتها فى المنام..
«وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ» .. فمن إحسان الله إلى يوسف أن حقق له هذه الرؤيا، وأن أخرجه من السجن، وأن جمع بينه وبين أهله، فجاء بهم من البدو، وأنزلهم الحضر.
- وفى قوله:«إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ» إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئا أحكم تدبير الأسباب الموصلة إليه، فجاء بها على غير ما يقدر العباد، ثم أراهم من عواقبها غير ما يتوقعون..