الكريم، فكان منها هذا النظم البديع، وهذا البيان المبين، الذي أفخم البلغاء، وأعجز العالمين..
وفى الإشارة إلى آيات الكتاب، بعد ذكرها فى قوله تعالى:«المر» - فى هذه الإشارة تنويه بهذا الكتاب، وعرض له فى معرض التحدي، بهذه الأحرف التي نظمت منها كلماته، ونضّدت آياته..
- وفى قوله تعالى:«وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ» قصر للحق المطلق على آيات هذا الكتاب، فآيات هذا الكتاب هى الحق، ولا حقّ وراءها، لأنها كلمات الله.. وكلام الله صفة من صفاته..
وقد جاء القصر هنا بتعريف الخبر «الحق» .. ولو جاء منكرا- كما هو مألوف لما وقع القصر-: فإنه شتان بين قوله تعالى: «وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ» وبين أن يقال: «والذي أنزل إليك من ربك حق» .
قوله تعالى:«وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ» .. أي ومع هذا الحق المبين، وتلك الآيات المشرقة الوضيئة، فإن أكثر الناس لا يهتدون بها إلى الحق، ولا يتهدّون بها إلى التعرف على الله.
وإذا لم يكن للناس عقول تعقل هذه الآيات التي حملها رسول الله إليهم فى هذا الكتاب المبين.. أفلا كانت لهم أعين تنظر فى هذا الوجود الذي أوجده الله سبحانه وتعالى من عدم، وأقامه على هذا النظام البديع؟
وإذا لم يكن لهم نظر ينظرون به فى هذا الملكوت، أفليست لهم آذان