للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آذانهم عن آيات الله وكلماته، فلا يرون فيها شواهد صدقها، وصدق الرسول الذي جاءهم بها، بل يتصايحون بهذا القول المنكر: «لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ؟» .. والآية التي يريدونها، هى آية مادية من تلك الآيات التي كانوا يقترحونها على النبي، كما يقول الله سبحانه وتعالى عنهم: «وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ» وقد تلقى الرسول من ربه هذا الرد المفحم لهم.. «قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا» (٩٠- ٩٣: الإسراء) .

فهذه الآية التي يقترحونها هنا هى واحدة من تلك الآيات، وهى قولة من أقوالهم التي كانوا يردّدونها فيما بينهم.. وقد ردّ الله عليهم بقوله:

- «إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ» وفى هذا التفات للنبىّ الكريم، وخطاب كريم له من ربّه، يواسيه، ويخفف ما به من ضيق، لهذا العنت الذي يلقاه من قومه..

- «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» هو الرسول الذي يرسله الله إليهم، ليدعوهم إليه، ويسلك بهم مسالك الخير والهدى.. فتلك هى وظيفة الرسول فى قومه كما يقول سبحانه وتعالى: «إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ» (١١٩: البقرة) وفى تقديم قوله تعالى: «إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ» على قوله سبحانه: «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» تهديد ووعيد لهؤلاء المعاندين، الذين لجّ بهم العناد، واستبدّ بهم الضلال، فركبوا رءوسهم، ولم يعد ثمّة وجه لهم إلا أن ترفع فى وجوههم راية الإنذار، وأن يساق إليهم ريح من لفح جهنم!

<<  <  ج: ص:  >  >>