وفى هذا الاستعراض تنكشف مظاهر كثيرة لقدرة الله سبحانه وتعالى، وتمكّن سلطانه فى هذا الوجود، وإحاطة علمه بكل شىء فيه..
«اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ» تغيض الأرحام: أي تضع ما فيها من حمل.. يقال غاض ماء البئر، أي ذهب وجفّ..
فهذا مظهر من مظاهر قدرة الله، وسعة علمه.. فهو سبحانه يعلم ما تحمل كلّ أنثى، وما تضع من مواليد وما يتخلّق فى الأرحام من أجنّة..
وفى التعبير عن وضع الحمل بالغيض، إشارة إلى أن الرحم حين يشتمل على الجنين، إنما يحمل فى كيانه حياة، بها تزهو الحياة وتعمر الدنيا، كالماء الذي به تحيا الأرض، وتزدهر وتثمر.. فإذا سكن الجنين إلى الرحم، زاد الرحم ونما، وامتلأ، وإذا ولد الجنين، غاض الرحم، وانكمش..
وقدّم غيض الأرحام على زيادتها، لأن ملاحظة الغيض للرحم أظهر للعين، حيث يبدو فى تمام الحمل على صورة واضحة، ثم إذا وضع الجنين تبدل الحال.
- وفى قوله تعالى:«وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ» إشارة إلى أن هذا العلم الإلهى، علم قائم على حكمة، وعلى تقدير وتدبير، وليس علما جزافا، فهو مع إحاطته بكل شىء، ضابط لكل شىء، ومقدّر لكل أمر قدّره.. وهذا هو الفرق بين علم الله، وعلم العالمين، فإذا كان فى العالمين من يعلم ما فى الرحم..
فإنه لا يعلم ما فى الأرحام جميعها فى هذه الدنيا كلها، ولو احتشد لذلك العلماء، وتوفروا له بكل ما وضع العلم فى أيديهم من وسائل.. ولو فرض أنهم علموا