للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه! وهيهات.. فإن الماء لا يسمع له، ولا يستجيب لدعائه.. «وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ» .. إنه دعاء لا يجد له أذنا تسمع، أو عقلا يعقل، أو لسانا ينطق! والسؤال هنا:

كيف كانت المعبودات التي يتخذها المشركون آلهة لهم من دون الله- مقابلة فى هذا التشبيه للماء.. مع أن الماء فيه حياة ونفع لمن يتصل به! ويحسن أورد إليه؟ .. فهل فى هذه المعبودات شىء، مما فى الماء من خير ونفع، حتى يقع الشبه بينها وبين الماء؟

والجواب على هذا- والله أعلم- هو أن المنظور إليه فى هذا التشبيه، هو العابدون لا المعبودون، وهؤلاء المشركون الضّالون، لا المعبودات التي يعبدونها.. وذلك أنهم فى هذا التشبيه ينكشف سفههم وضلالهم، وحماقتهم، وأنهم والماء قريب منهم، والظمأ يشوى أحشاءهم، لا يعرفون- لجهلهم وسفههم كيف ينالون منه حاجتهم، فيبسطون أيديهم إلى الماء، ويهتفون به أن يدنو منهم، ويدخل أفواههم..!

والحاجة- كما يقولون- تفتق الحيلة، وحاجة القوم إلى الماء شديدة، والوصول إليه، والارتواء منه سهل ميسور، يتهدّى إليه الحيوان بفطرته، ولكنّ القوم قد أفسدوا فطرتهم، وعطّلوا عقولهم، فلم يكن لهم ما للحيوان الأعجم من حيلة! ولو كان المشبّه به، المقابل للمعبودات، شيئا غير مرغوب ومطلوب، لما وقف القوم منه هذا الموقف الحريص المتلهف، ولما اشتد بهم الكرب، واستبدّت بهم الحسرة، حين طال وقوفهم عليه، ثم لم ينالوا شيئا منه! ومن جهة أخرى.. فإن من بين هذه المعبودات التي يتخذها المشركون

<<  <  ج: ص:  >  >>