فى سماواته وأرضه، لا بد له من خالق قد خلقه، وأجرى نظامه على هذا الترتيب المحكم البديع.. فإذا لم يسأل المرء نفسه هذا السؤال، ولم تثر فى نفسه داعية له، فها هو ذا السؤال يملأ سمعه.. فماذا يكون الجواب؟ ومن ضاع منه الجواب بين سحب الجهل والضلال المنعقد على عقله وقلبه.. فهذا هو الجواب حاضر عتيد..
«قُلِ اللَّهُ!» .. وهذا الجواب هو من بديهية العقل، كما أن السؤال من بديهية العقل أيضا.. وعلى هذا، فإنه حكم لازم، وقضاء قاطع لا مردّ له..
وإذن فليكن الحساب والجزاء على هذا الحكم الذي لم يلتزمه المشركون، ولم يأخذوا أنفسهم به..
والاستفهام هنا إنكارىّ، يضع المشركين فى قفص الاتهام، والإدانة..
إذ كيف لا يعطون ولاءهم لله، ولا يخلصون له عبادتهم، وهو خالق السموات والأرض، على حين يجعلون ولاءهم وعباداتهم لتلك المخلوقات التي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرّا، والتي هى خلق من خلق الله، تدين له بالولاء، كما دان له كل مخلوق؟ إنهم يسوّون فى هذا بين المتناقضات، ويقولون إن الأعمى والبصير سواء، وإن الظلمات والنور متعادلان، وإن الباطل والحق متشابهان.. وإن المخلوق والخالق سيان! وهذا منطق أحمق سفيه، لا يقبله إلّا من عميت بصيرته، وختم الله على قلبه وسمعه، وجعل على بصره غشاوة! ..
«أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ؟» هذا استفهام إنكارى أيضا، يسأل فيه المشركون عن تلك الآلهة التي عبدوها من دون الله،