«وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ» .. تطبيق لهذا الحكم، الذي قضى به الله سبحانه وتعالى، وهو ألا يرسل رسولا إلا يلسان قومه..
فها هو ذا موسى، عليه السلام، وهو من بنى إسرائيل، يبعثه الله- سبحانه وتعالى- رسولا إلى قومه، ليخلصهم من فرعون.. أولا، ثم يخرجهم من ظلمات الضلال إلى نور الهدى والإيمان.. ثانيا..
وأيام الله التي يذكرهم موسى بها، هى تلك الأيام التي كانت لله سبحانه وتعالى، فيها نعم ظاهرة عليهم، إذ أنجاهم من آل فرعون، وخلصهم من البلاء الذي يلقونه تحت يد فرعون.. ففى هذه النعم آيات «لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ» إذ لا يرى فى تلك الآيات، آثار رحمة الله، وعظيم نعمته، إلا من كان قد وطّن نفسه على احتمال الضر، والصبر على المكروه، احتسابا لله، ورجاء فى العافية، واستشوافا للرحمة والإحسان من فضله- فإذا أذن الله بالفرج، وهبّت أرواح الرحمة والعافية، اتجهت القلوب المؤمنة بالله، إلى الله بالحمد والشكر، كما اتجهت إليه من قبل بالدعاء والتضرّع.
وقوله تعالى:«وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ» - هو ما امتثل به موسى أمر ربّه، فى قوله تعالى له:«وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ» - وها هو هذا يذكرهم بأيام الله ونعمه التي أفاضها عليهم فى تلك الأيام.. فيقول لهم:«يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ» ثم بيّن لهم ما كانوا فيه، وهم تحت يد هذا