ويصحّ أن يعود الضمير على الرسل، أو على أقوامهم المكذّبين بهم..
بمعنى أن الرسل طلبوا من الله أن يحكم بينهم وبين أقوامهم، كما يقول تعالى على لسان شعيب والمؤمنين معه:«رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ»(٨٩: الأعراف) .. أو بمعنى أن الكافرين هم الذين طلبوا أن يأتيهم الرسل بالعذاب الذي توعدوهم به.. كما يقول الله تعالى فى مشركى قريش بعد معركة بدر:«إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ»(١٩: الأنفال) .
وسواء أكان الاستفتاح من الرسل، أو من أقوامهم المكذبين لهم، فإن العاقبة واحدة، وهى الخيبة والخسران للكافرين المكذبين:«وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ» ..
أي بعد هذا البلاء الذي ينزل بالجبارين المعاندين المكذبين برسل الله- بعد هذا البلاء الذي ينزل بهم فى الدنيا، سيجيئهم (من ورائه) أي من بعده عذاب جهنّم، حيث يلقون الأهوال ألوانا وأشكالا.. فهناك الصديد الذي يسقاه الجبارون.. مكرهين، يتجرعونه جرعة جرعة، وقطرة قطرة..
- «وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ» وهو توكيد لشناعة هذا الصديد، وأنه لا يساغ الشارب أبدا، ولا يكون على أية درجة من درجات الإساغة.. وهذا أبلغ من أن يقال:«ولا يسيغه» لأن نفى الإساغة لا يقطع بأن تكون هناك درجة من درجات الإساغة فى هذا الشراب، ولكن نظرا لقلتها، فقد شملها النفي.
أما قوله تعالى:«وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ» فهو نفى قاطع لأى احتمال من احتمالات