فالتقيا بسيفيهما، يريد كل منهما أن يقتل الآخر، وهما فى مكان مطبق عليهما وليس لهما من منفذ ينفذان منه؟ إنه لا بد أن تقع الجريمة، وتزهق روح أو روحان! وشواهد هذا كثيرة فى محيط الجماعات التي حرّمت الطلاق.. فما أكثر المآسى والفواجع، وما أكثر الويلات والمصائب التي امتدت آثارها فجاوزت الأزواج إلى المجتمع كله، وأشاعت فيه الفساد والانحلال، وأقامت الحياة الزوجية على دخل وفساد ونفاق!! وما كان لشريعة الإسلام- وقد جاءت لتسع الحياة الإنسانية كلها، فى امتداد أزمانها- ما كان لشريعة الإسلام- وتلك رسالتها- أن تغمض العين عن هذا الواقع من الحياة، وأن تدع داء كهذ الداء يأكل الناس فى غير مرحمة، ويقيم فى المجتمع صداعا حادا تتصدع به الأخلاق، وتفسد معه الضمائر، وتروج به سوق الكذب والنفاق! فكان عن تدبير الشريعة الإسلامية الحكيم أن رصدت لهذا الداء الذي يدخل على الحياة الزوجية ويفسد المشاعر التي بين الزوجين- الدواء الناجع، وهو فصم تلك الحياة بالطلاق، وإطلاق كل من الزوجين من هذا الوثاق الذي يشدّهما، والذي كان يوما ما داعية بهجة ومسرة، فأصبح سبب عذاب وبلاء! إن «الطلاق» شرّ.. ولكنه شر لا بد منه، إذ يدفع به ما هو أكثر منه شرا.. والشرّ حين يدفع به شر أعظم منه يكون رحمة، ونعمة!
وبعض السمّ ترياق لبعض ... وقد يشفى العضال من العضال