للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستصراخ هو نجدة المستغيث المستصرخ.. يقول الشاعر:

إنّا إذا ما أتانا صارخ فزع ... كان الصّراخ له قرع الظنابيب «١»

«إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ» .. أي إنى كفرت بهذا الشرك الذي جعلتمونى فيه معبودا لكم من دون الله.. ويجوز أن يكون هذا إقرارا منه بالكفر بالله من قبل، أي من قبلهم، وذلك حين دعاه الله سبحانه مع الملائكة، للسجود لآدم، فسجد الملائكة وامتنع هو، فطرده الله سبحانه، ولعنه، وأصبح من الكافرين.. فكأنه بهذا يقول لهم: إنكم تعلمون أنّى على الكفر، وقد دعوتكم فأطعتمونى، فلا تلوموا إلا أنفسكم، فأنا- كما تعلمون- قد كفرت بالله الذي أشركتمونى معه فى عبادتكم له.

«إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» .. هو حكم من الله سبحانه وتعالى على هؤلاء المتخاصمين جميعا.. من مستكبرين، ومستضعفين، وشياطين.. إنهم، جميعا ظالمون.. وليس للظالمين إلا أن يصلوا هذا العذاب الأليم الذي هم مساقون إليه..

قوله تعالى:

«وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ.. تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ» وفى الجانب الآخر من مشهد النار وأهلها هذا المشهد، تفتح أبواب الجنة الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فيجدون فيها النعيم والرضوان، ويلقون فيها التحيّة والسلام.

- وفى قوله تعالى: «بِإِذْنِ رَبِّهِمْ» إشارة إلى أن هذا الرضوان، وذلك النعيم الذي صار إليه الذين آمنوا وعملوا الصالحات، إنما هو من فضل الله عليهم، ومشيئته فيهم، وليس ذلك لما كان منهم من إيمان، وعمل صالح، وحسب،


(١) الظنابيب: جمع ظنبوب، وهو عظم الساق.

<<  <  ج: ص:  >  >>