وغروره، والقوّة وطغيانها.. كلّ هذا يراه المؤمن بالله، المستظل بعزته وقوته- يراه صغيرا فى عينه، هيّن القدر، ضئيل الشأن.. فى حسابه.
والكلمة- كما قلنا- مهما تكن طيبة محملة بكريم المعاني، وجميل الصفات لا تعطى شيئا من ذات نفسها، إلّا إذا صادفت النفس الطيبة التي تقبلها، والمشاعر الكريمة النبيلة التي تهشّ لها، وتتجاوب معها.. أما إذا صادفت نفسا كزّة، ووردت على مشاعر سقيمة، فإنها لا تؤثر أثرا، ولا تندّ بشىء من طيبها وحسنها.
وكذلك الكلمة الخبيثة.. لا تبيض، وتفرخ، حتى تلتقى بالنفس الخبيثة، وتخالط المشاعر الفاسدة!.
وشاهد هذا، وذاك، واقع فى الحياة.
فدعوات الرسل والمصلحين والقادة والعلماء والحكماء، ليست إلا كلمات، تحمل فى كيانها معانى الحق والخير، وترسم من مفاهيمها مناهج العدل والإحسان.. ثم تدع للناس أن يتناولوها كيف شاءوا، وأن يتعاملوا معها حسب ما أرادوا.. فمنهم من يجد فيها هداه، وصلاح أمره فى الدين والدنيا جميعا.. ومنهم من لا يقيم لها وزنا، ولا يرفع لها رأسا، ولا يمدّ نحوها يدا..
وبهذا تختلف حظوظ الناس من هذا الخير المتاح لهم.. فمنهم من يأخذ حظه كاملا، ومنهم من لا ينال شيئا.. وهكذا تتفرق السبل، بين مهتد وضال، ومستقيم ومنحرف، وسعيد وشقى.!
إن ما فى عقل الإنسان من مدركات وتصورات، وما فى كيانه من نوازع واتجاهات وميول، هو من عمل الكلمة، وإنه بقدر ما يتلقى العقل من كلمات، يكون حظه من العلم والمعرفة، وإنه بقدر ما فى هذه الكلمات من معانى الخير