أوجد الإنسان من عدم، كذلك بالعلم علّم الإنسان الكتابة، فسوّى خلقه، وأتمّ عليه نعمته! وفى هذا إشارة إلى أن خلق الإنسان لن يكمل ويقوم على الصورة السويّة، إلا إذا تجمل بالعلم، الذي وسيلته الأولى، التعلم، الذي مفتاحه الكتابة والقراءة!! والصفة الثانية التي وصف بها القرآن الكريم أنه «قُرْآنٍ مُبِينٍ» .. وفى هذا إشارة إلى أن آيات الله تلك، لم تكتب، ولم تودع فى كتاب، لتعلّق كما علقت المعلقات، وكما أودعت العهود والمواثيق بعد كتابتها فى أحراز، وإنما كتبت آيات الله هذه، لتقرأ وتتلى، ولتكون ذكرا دائما على ألسنة المؤمنين، تعمر بها قلوبهم، وتغتذى منها أرواحهم، وتستبصر بها بصائرهم.!
ربّ: حرف جر يفيد التقليل.. فإذا اتصلت به «ما» دخل على الأفعال، وهو هنا مخفف «من ربّ» الثقيلة.
هذا، ولم يرد هذا الحرف فى القرآن الكريم إلّا فى هذا الموضع.
وقد بذل المفسرون كثيرا من الجهد فى التأويل والتخريج، ليجدوا لهذا الحرف وجها مفهوما، يستقيم مع الآية الكريمة.. وكان محصول هذا كلّه أقوالا متهافتة، رأينا من الخير ألا نقف عندها، وأن نأخذ بما أرانا الله سبحانه من فهم، استراحت له النفس، واطمأن إليه القلب..
فالآية التي سبقت هذه الآية، وهى التي بدئت بها السورة الكريمة، تشير إلى القرآن الكريم، وإلى آياته البينات.. «الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ.. وَقُرْآنٍ مُبِينٍ» ..
ومقصود هذه الإشارة هو لفت الأنظار، وتوجيه القلوب والعقول إلى