للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلقون مثل ما لقى، من استهزاء وتكذيب.. بل ومنهم من رجم وقتل، ولم يشفع لهم فى ذلك، ما بأيديهم من هدى، ولا ما بينهم وبين أقوامهم من آصرة النسب والقرابة.

قوله تعالى: «كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ» .

يقال سلك الطريق: أي سار فيه، ومنه قوله تعالى: «فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا» (٦٩: النحل) .. وسلك الشيء فى الشيء: إدخاله فيه، ومنه قوله تعالى: «اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ» (٣٢: القصص) .. وقوله تعالى:

«فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ» (٢٧: المؤمنون) ومنه السلك، وهو الخيط الذي تنتظم فيه حبات العقد.

- وفى قوله تعالى: «كَذلِكَ» إشارة إلى أن ما كان من الأقوام السابقين من تكذيب لرسل الله، واستهزاء بهم، هو الذي كان من هؤلاء المجرمين الذين وقفوا من «محمد» هذا الموقف اللئيم، فكذبوه، وسخروا منه، وآدوه بكل ما قدروا عليه من ألوان الأذى.. فكأن هذا الضلال المستولى على بعض النفوس الخبيثة والطبائع المنكرة، هو داء متنقل، وميراث موروث، يأخذه الخلف عن السلف: «كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ» .. أي أن الضلال القديم، ينغرس فى قلوب هؤلاء المجرمين من مشركى قريش، فيكونون أشبه بحبة من حبات هذا العقد الذي ينتظم المقابح والمساويء، ويجمع الأشرار إلى الأشرار..

قوله تعالى: «لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ» .

الضمير فى قوله تعالى: «لا يُؤْمِنُونَ» يرجع إلى هؤلاء المجرمين، وهم مشركو قريش، والضمير «به» يعود إلى النبىّ الكريم، الذي جاء ذكره فى قوله تعالى: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ» .. والحديث عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>