للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهابا راصدا يرمى به، فيحترق ويهلك، دون أن يقع على شىء من علم الله..

وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ» (٢١٢: الشعراء) .

وقوله سبحانه، على لسان الجن: «وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً» (٩: الجن) .

وهنا سؤال.. وهو: هل إذا كان الجن لا يستطيع أن يعرج إلى السماء وأن يسترق السّمع، فهل يستطيع الإنسان أن يعرج إلى السماء، ويبلغ إلى هذا المدى الذي لم يبلغه الجن؟

إن إرهاصات كثيرة تشير إلى أن الإنسان الآن فى طريقه إلى السماء، وأنه كاد ينجح فى أن ينزل على القمر، بعد أن ارتاده بمراكب ألقت بمراسيها على سطحه، وهى تحمل عددا وآلات نقلت إلى الإنسان كثيرا من طبيعة هذا الكوكب.. فهل إذا نزل الإنسان إلى القمر أو إلى أي كوكب من الكواكب، أيكون فى هذا ما يتعارض مع الآية الكريمة؟

والجواب على هذا، أن الآية الكريمة لم تعرض للإنسان، ولم تسلط عليه من السماء رجوما، كما سلطتها على الشياطين..

وعلى هذا،، فإن الطريق إلى السماء مفتوح للإنسان، وليس ثمة ما يحول بينه وبين أن يبلغ منها حيث وسع علمه وجهده.. إلّا أن الذي لا يبلغه الإنسان أبدا، هو أن يخترق حجب الغيب، ويعلم ما استأثر الله سبحانه وتعالى به من علم.. ذلك هو ما يقطع به إيماننا، ويحدّث به كتابنا.. أما ماوراء ذلك، فهو فى مجال الاختبار لقدرة الإنسان.. والقرآن الكريم يفتح للعقل كل طريق لاختبار قدرته، بل ويبارك عليه كل خطوة موفقة يخطوها إلى الأمام، فى ارتياد معالم الوجود، فى الأرض وفى السماء، وكشف ما يستطيع كشفه من أسرار هذا الكون، فى أرضه وسماواته على السواء! والله سبحانه وتعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>