أخرى.. ذلك أن الملائكة هنا أخبروه بهلاك القوم، وبما ينبغى أن يفعله هو وأهله حتى لا ينزل بهم ما ينزل بأهل القرية من دمار وهلاك- أخبروه بهذا قبل أن يعلم أهل القرية بهم، وقبل أن يجيئوا إلى لوط يريدون الفاحشة فى هؤلاء الضيوف.. هكذا تحدث الآيات هنا..
وفى مواضع أخرى جاء النظم القرآنى على غير هذا، كما يقول الله تعالى فى سورة «هود» مثلا: «وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»(الآيات: ٧٧- ٨١: هود) وترتيب الأحداث هنا غير ترتيبها فى النظم السابق.. كما ترى..
فما جواب هذا؟
والجواب- والله أعلم- هو أن الملائكة فى هذه الآيات- قد ألقوا بالبشرى إلى لوط، حين التقوا به، ورأوا ما دخل عليه منهم من خوف وفزع، فقالوا له:«لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ» .. ثم جاءه قومه بعد ذلك، وكان ما كان منهم معه ومع الملائكة.. فكان من لوط كرب وضيق مما حلّ بالملائكة، وتشبث قومه بهم، ومحاولة الاعتداء عليهم، فكان حديث الملائكة له بقولهم:«إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ» توكيدا لما حدّثوه به من قبل، وأنهم إذا كانوا على تلك الصفة فلن ينالهم أحد بمكروه.. ثم كان