هو استعراض لقدرة الإله الواحد، الذي يدعو رسل الله إلى عبادته وحده.. فهو سبحانه الذي خلق السموات والأرض بالحقّ.. فحقّ على هذه المخلوقات جميعها أن تعبده، وأن توجه وجوهها إليه..
- وفى قوله تعالى:«خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ» - إشارة إلى أن الإنسان، وهو مما خلق لله، قد خرج عن الولاء لله، وكفر به، ووقف خصما لله، ويحاربه.. وهو- أي الإنسان- مخلوق ضعيف خلق من ماء مهين، وجاء من نطفة أمشاج، ولكنّ قدرة الله، قد صورت من هذا الماء المهين، ومن تلك النطفة القذرة كائنا، له عقل، وله إرادة، وقد كان جديرا به أن يرتفع بعقله وإرادته عن عالم الطين، وأن يسمو إلى مشارف العالم العلوي، إلا أنه قد استبد به الغرور، واستولى عليه الهوى، فكان أن كفر بخالقه، وجحد الرّبّ لذى أنشأه وربّاه «إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ»(٣٤: إبراهيم) وقوله تعالى: «وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ» ..
هذا عرض لبعض مظاهر قدرة الله، وفضله على عباده، الذين كفروا بنعمته، وضلوا عن سبيله. فهو- سبحانه- الذي خلق الأنعام كلها، ينتفع الإنسان منها فى وجوه كثيرة.. فمنها كساؤه وغطاؤه، الذي يدفع عنه عادية البرد والحر، ومنها طعامه الذي يغتدى به، فيأكل من لحمها، ولبنها.. ومنها يجد الرّوح لنفسه، والبهجة لعينيه، إذ يراها، غادية رائحة بين يديه، وعليها